أن يصبح المرء كالموتى الأحياء، ويشعر بعدم قدرته على التنبه وأداء ما عليه من مهام... إنها حالة تمر بها بعض الفتيات خاصة في مرحلة المراهقة، وإذا لم يتجاوزنها تتحكم في حياتهن. عندها تشعرين أنك عاجزة عن مغادرة الفراش، حتى أن والدتك تخرجك منه بالقوة.
وتشعرين كما لو كنت تسقطين في غيبوبة كلما جلست بحجرة الجلوس أمام التلفاز ، وتنتابك رغبة شديدة في النوم إذا حان موعد ذهابك لأداء التمرينات الرياضية في النادي الصحي، وإذا لم تنامي لبعض الوقت في فترة العصر، تفشلين في الحفاظ على نشاطك أو عمل أي شيء مطلوب منك إنجازه أو حتى استيعاب ما تستمعين إليه بشكل صحيح، فإذا كنت مثلا تتلقين درسا أو محاضرة في ذلك الوقت، تجدين صعوبة كبيرة في إبقاء عينيك مفتوحتين، ناهيك عن فهم ما يقوله المدرس!
ولكن بمجرد دخول الليل، ينعكس الوضع تماما، وكلما تقدمت ساعات المساء ازداد نشاطك وزاد تركيزك وحيويتك وقدرتك على الإنجاز والفهم!! فما هذا الذي يحدث، وما تفسيره؟
الأمر بمنتهى البساطة له علاقة بالساعة البيولوجية للإنسان، والتي تكون مصابة بالاضطراب الكامل خلال مرحلة ما قبل العشرين، وهو ما يعني أنها لا تلتزم أبدا بالمواعيد والأوقات التي يقول الآخرون (الوالدان والمدرسة أو الجامعة والنادي... إلخ) بأن عليك أن تكوني مستيقظة ومنتبهة وفي كامل تركيزك خلالها... لكن لماذا يحدث ذلك؟
الأمر له علاقة بالبلوغ لدى الفتيات، فبعد تمام هذه المرحلة، يفرز الجسد هرمون الميلاتونين، الذي يجعل الفتاة في حالة من النعاس والرغبة في النوم في مواعيد مختلفة عن المواعيد الطبيعية التي ينام فيها الكبار.
وبالتالي يصبح نظام الحياة بالنسبة للفتاة في هذه الحالة معكوسا، فهي ترغب في النوم طوال النهار عندما يكون الآخرون في قمة انتباههم ونشاطهم، بينما تشعر بالنشاط وحيوية طوال ساعات الليل أثناء استغراق الآخرين في النوم وخلودهم إلى الراحة!
وعندما تمر الفتاة بهذه الحالة، فإنها تفقد حساسيتها نحو ضوء النهار وأشعة الشمس، التي تتسلل من نافذة غرفتها في الصباح، فلا تعيرها انتباها على الإطلاق وتواصل نومها كما لو أن النهار قد أصبح بالنسبة لها ليلا.
تم اكتشاف هذه الحقيقة الأخيرة من خلال إحدى الدراسات، التي وجدت أن أشعة الشمس وضوء النهار في هذه الحالة لهما على الفتاة المراهقة تأثير مماثل لكوب من اللبن الدافيء الذي يشربه الإنسان ليلا ليساعده على الاسترخاء والنوم بعمق! الجميل في الأمر أن الخبراء يؤكدون أن ما يحدث للفتيات المراهقات من النوم لفترات طويلة خلال النهار، يعتبر مفيدا وأساسيا للصحة العقلية والعصبية في هذه المرحلة السنية، حيث إن جسد المراهقة يحتاج للنوم ما بين 9 إلى 10 ساعات يوميا، بعكس الكبار الذين يكفيهم ما بين 7 -8 ساعات من النوم يوميا. ولهذا فإن الفتيات اللاتي لا يحصلن على الكمية الكافية من النوم يوميا خلال مرحلة المراهقة تحدث لهن مشاكل في الجهاز العصبي، ويظهر تأثيرها لاحقا.
ما الذي عليك فعله؟ بعيدا عن شهور الدراسة، وهي الأوقات التي تجبرك على الالتزام بمواعيد استيقاظ ونوم محددة لأداء العديد من الالتزامات، حاولي خلال إجازة نصف العام، والإجازة الصيفية الاستسلام لرغبتك في النوم لفترات طويلة لأنه أمر مفيد لصحتك في هذه المرحلة العمرية. ولتجاوز رغبتك في النوم خلال نهار العام الدراسي، حاولي ممارسة بعض التمرينات الرياضية خلال النهار بعد العودة من المدرسة أو الجامعة لمدة 10 دقائق فقط، وتجنبي تناول الأطعمة الدسمة لأنها ستزيد من إحساسك بالنعاس، وكذلك ابتعدي عن تناول المشروبات المنبهة، كالقهوة والشاي والنسكافيه لأنها مليئة بمادة الكافيين الضارة.